recent
مستجدات

مشروع المؤسسة بالمغرب: المتدخلون في وضعه متعددون نظريا، ومحدودين عمليا


المتدخلون في تخطيط وتنفيذ مشروع المؤسسة في المغرب








من المؤكد أن بلورة وتنفيذ مشروع المؤسسة بقطاع التعليم في المغرب يتطلب تدخل مجموعة من الفاعلين على المستوى المحلي، الإقليمي، الجهوي والمركزي. ولكل هذه الأصعدة الأربعة هيئات متدخلة مساعدة في بلورة هذا المشروع. كما على هؤلاء المتدخلين أن يحترموا مجموعة من الخطوات المتسلسلة والمترابطة فيما بينها لوضع المشروع قصد تحقيق الأهداف المحددة؛ أو بمعنى آخر، لابد أن يمر (المشروع) أثناء بلورته من مجموعة من المراحل المتناسقة والخطوات الأساسية.

إن واقع المؤسسة المغربية غالبا ما ينافي أو لا يحترم مقتضيات الاستراتيجية الوطنية لمشروع المؤسسة نظرا للصعوبات التي تحد من مشاركة الفرقاء المتدخلين، وتعيق مراحل وضع المشروع.

فما أبرز المتدخلين في ارساء ووضع مشروع المؤسسة بالمغرب من حيث التنظير والممارسة؟

1.    تعدد المتدخلين في وضع مشروع المؤسسة حسب الاستراتيجية الوطنية (على المستوى النظري).  


مشروع المؤسسة بالمغرب يتدخل في بلورة وإنجازه مجموعة من المتدخلين والفرقاء حسب الاختصاصات التي تحددها لكل طرف النصوص التشريعية والتنظيمية. ويتطلب هذا التعدد في المتدخلين القيام بعملية التنسيق بينهم. وقد خول المشرع المغربي هذا الدور إلى السيد مدير المؤسسة باعتباره المنسق (Coordinateur) والمسير لهذا الفريق، والمحرك الفعلي للمخطط. 
وتبين الخطاطة التالية البنيات المتدخلة بنوع من التفصيل.
  

كما تشير الخطاطة أعلاه، فالمشرع المغربي قد أقحم في مشروع المؤسسة مجموعة من الفاعليين على الصعيد المحلي، الإقليمي، الجهوي والوطني. فعلى المستوى المحلي تلعب  مجالس المؤسسة دورا في إرساء مشروع المؤسسة بلورة وتنفيذا وتتبعا وتقويما حسب المهام التي يحددها المرسوم 376.02.2 بتاريخ 17 يوليو 2002 المتعلق بالنظام لأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي. إذ يشكل فريق محلي للقيادة تتكون نواته من أعضاء مجلس التدبير وتمثل فيه باقي مجالس المؤسسة. ويشرف المدير على عمليات            (الإعداد-المصادقة الأولية - التنفيذ - التتبع والتقويم)، ويقوم مجلس التدبير بالمصادقة الأولية على مشروع المؤسسة. كما يعرض مدير المؤسسة وثيقة المشروع على النيابة للمصادقة النهائية، بعد إرفاقه بمحضر المصادقة الأولية لمجلس التدبير.
        أما على المستوى الإقليمي فنذكر بأنه لا يمكن اعتبار مشروع المؤسسة شأنا خاصا بالمؤسسة التعليمية فقط، بل هو كذلك منطلق لبرمجة تدخلات هادفة إلى دعمه ومواكبته من طرف مختلف الفاعلين الإقليميين في الشأن التربوي بالمؤسسة، لهذا فمن حق المؤسسة أن تستفيد من الفرقاء الإقليميين في مجموعة من الأشياء كالمواكبة والتتبع من طرف هذه الفرق بمختلف مراحل المشروع، تتبع وتقويم مشاريع المؤسسة، إرساء وتفعيل العمل بالمناطق التربوية، تيسير التواصل والتنسيق فيما بين المؤسسات التعليمية على مستوى المناطق التربوية الإقليمية، وتنظيم ورشات التقاسم. وتتدخل على مستوى الإقليم لجنة تسمى لجنة القيادة الإقليمية من خلال :
       برمجة وتنفيذ تكوينات لفائدة الفاعلين بالمؤسسات التعليمية؛
       تنسيق تدخلات مختلف المصالح الإقليمية والشركاء بالمؤسسات التعليمية؛
       تشكيل قاعدة معطيات حول مشاريع المؤسسات التعليمية؛
        أما على مستوى الجهوي التي تغطيه الأكاديميات، فيمكن لهؤلاء المتدخلين أن يتدخلو على مستوى الجهة من خلال :
      برمجة وتنفيد تكوينات لفائدة الفاعلين بالجهة؛
تنسيق تدخلات مختلف المصالح الجهوية والشركاء؛
تشكيل قاعدة معطيات جهوية حول مشاريع المؤسسات التعليمية؛
تنظيم ورشات التقاسم على المستوى الجهوي...
        أما على الصعيد الوطني (الوزارة) فتتدخل لجنة القيادة المركزية  من خلال :
      إعداد ومراجعة العدة الكاملة لمشروع المؤسسة؛
      تأهيل الخبراء في إعداد مشاريع المؤسسات؛
      تشكيل قاعدة معطيات وطنية حول مشاريع المؤسسات التعليمية؛
      تنظيم ورشات التقاسم على المستوى الوطني...
وعموما، يتم وضع مشروع المؤسسة بالمغرب من طرف المتدخلين في وضعه المتعددين نظريا، والمحدودين عمليا، وفق منهجية  علمية، حددت بالدليل المرجعي لمشروع المؤسسة رغم الاكراهاات من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي

2.    أطراف محدودة إلى محتشمة متدخلة في بلورة مشروع المؤسسة بالمغرب على مستوى الواقع (حالتي مؤسستي المختار السوسي ووادي الذهب بمدينة القنيطرة)


إن محاولة اكتشاف مدى مشاركة (وإشراك) كافة الأطراف المعنية في وضع تصورات المشروع حسب الدليل المرجعي يصطدم بحقيقة مدى الفجوة بين المخطط له والواقع؛  فالبينيات المتدخلة في تخطيط مشروع المؤسسة تبقى غنية فقط على المستوى النظري والأخلاقي. أما ميدانيا، ــ حسب  إعداديتي المختار السوسي ووادي الذهب ــ  فهو غير قائم.
 فمن خلال بعض المقابلات التي جمعتنا مع مديري المؤسستين أكدا بالإجماع على أن المشروع ليس سوى مجرد نشوة فكرية لا أقل ولا أكثر. فإذا كانت البنيات المتدخلة في وضع مشروع المؤسسة متعددة ومتنوعة على المستوى النظري، فإن الممارسة التطبيقية تفقد هذا التنوع والغنى ليبقى المشروع ككل رهين بما هو محلي (تدقيقا بالمؤسسة).

    لقد انحصر المتدخلون حسب تصريحات مدير مؤسسة المختار السوسي في أعضاء جمعية النجاح التي يترأسها مدير المؤسسة وبعض أطر هيئة التدريس والإدارة التربوية، وجزء من أعضاء جمعية أباء وأمهات وأولياء التلاميذ، والجمعية الرياضية المدرسية. نفس الأطراف نجدها بوادي الذهب كجمعية دعم مدرسة النجاح الحاملة للمشروع والجمعيات المدرسية... وهكذا، نجد على المستوى المحلي عدة سلبيات كعدم تفاعل كل المعنيين المحليين، خاصة المجتمع المدني باستثناء جمعية أباء وأمهات وأولياء التلاميذ، وعدم تدخل الجماعة الترابية للقنيطرة، خصوصا إذا استحضرنا أنها سلطة منتخبة تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة بكل قطاعاتها بما فيها التعليم؛ لكن من الأكيد أنها  يؤرق بالها أشغال أكبر من هذه المشاريع.

لقد حاول مدير مؤسسة المختار السوسي  إشراك كافة الفاعلين التربويين والاجتماعيين من مختلف الأصعدة، إعمالا بمبدأ القيادة التشاركية، غير أن الاستجابة قد حصرت فيما هو محلي.[7] إن المتدخلين المفترضين أن يساهموا في بلورة مشروع مؤسسة المختار السوسي أو وادي الذهب لهم أولويات أخرى، ومشاريع أخرى تعتبر في نظرهم أكثر أهمية.

الحصيلة أن الممارسة الميدانية تنافي مقتضيات الدليل المرجعي لبلورة مشروع المؤسسة بعدم استجابة أغلب المتدخلين للمشاركة في بلورة مشروع مؤسسة المختار.




مسك الختام




هكذا إذن، يتبين مدى الفجوة العميقة بين المخطط له بالدليل المرجعي للاستراتيجية الوطنية لمشروع المؤسسة والواقع المحلي بخصوصياته وإكراهاته. فتعدد المتدخلين على المستوى النظري لا يواكبه نفس التعدد والتنوع على المستوى العملي. إذ تبين مدى غياب متدخلين كثر كممثلي الجماعة الترابية للقنيطرة، المجتمع المدني وغيرهم في بلورة وبناء مشروع مؤسسة المختار السوسي ومشروع مؤسسة وادي الذهب. وعموما، يعيق عمليات التنزيل عدة مشاكل بنيوية تقتضي المعالجة ووضع مخطط نحو تجاوز اختلالات ومعيقات مشروع المؤسسة وتصحيح الوضعيات.


google-playkhamsatmostaqltradent